ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٩٤) :
هل الخطاب في «جئتمونا» هو من الله؟ والكفار (لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ)(٣ : ٧٧)! فليكن من الملائكة نقلا عن الله؟ وصالح التعبير ـ إذا ـ (لَقَدْ جِئْتُمُونا ... كَما خَلَقْناكُمْ)!.
(لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ) (٣ : ٧٧) إضافة إلى اختصاص السلب بيوم القيامة ، لا تعني إلّا كلام العطفة الرحمة ، وأما كلام التنديد والزحمة فهم مستحقوها على أية حال ، اللهم إلّا يوم الدنيا حيث لا يواجهون بخطاب إلّا بوسيط الوحي.
(وَلَقَدْ جِئْتُمُونا) لعالم الحساب والجزاء ، فكلنا جاءون إلى الله ، إلى ربوبيته في عالم التكليف يوم الدنيا ، وإلى ربوبية الجزاء في عالم الجزاء ، وهنا زيادة أن المكلفين لا خيرة لهم في أعمال ، إلّا الجزاء الموعود لهم ثوابا وعقابا.
(جِئْتُمُونا فُرادى) بالخلق الثاني يوم القيامة ، فردا عريان وأجرد غلبان ، لقد ندّ عنكم كلّ شيء وتفرق عنكم كلّ أحد وما عدتم تقدرون على شيء ممّا خولكم الله إياه ، فأصبحتم دون أي جمع أو قوة إلّا كلّ بنفسه (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) حيث لا جمع ولا قوة ، بفارقين اثنين : أن المحافظين من الوالدين وسواهما هنا ليسوا هناك ، وأنكم تحملون معكم مستحق الثواب أو العقاب ، ف (تَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ ..) تقضي على الأوّل ، وكونه يوم الجزاء يحكم بالثاني ، وكافة الوسائط المزعومة والشفعاء المتخيلة مقضي عليها ب «تركتم ـ إلى ـ تزعمون».
(تَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) من قوات ذاتية ، وأخرى منفصلة من أموال وبنين وما شأبه ، إنها كلها متروكة وراء ظهوركم ، حيث ظلت في الحياة الدنيا