توحيده تعالى في الخالقية فالربوبية بكلّ حلقاتها ، فلو تفلّت شيء ـ وإن كان واحدا ـ عن هذه الخالقية الطليقة لنقصت الخالقية الموحدة وانتقضت!.
وترى خالقيته لكلّ شيء تبطل قانون العليه والمعلولية في الكائنات؟ كلّا حيث العلة التامة لا توجد في الكائنات أبدا ، اللهم إلّا مقتضيات إذا انضمت إليها إرادة الله تعالى تحققت وإلّا فلا تحقق كما في نار نمرود لإبراهيم الخليل (ع) ، حيث أصبحت بردا وسلاما بأمر الجليل.
ذلك ، ثم ولا منافاة بين العلل العرضية والطولية ، فالعلل العرضية تعمل آثارها بمقتضياتها وإرادة الله ، ثم الله من وراء كافة العلل والمعاليل رقيب عتيد ف (ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) كنموذج من نماذج الإرادة الإلهية في كلّ ظروف العلية.
ففي تعطيل الإرادة الربانية تفويض ، كما في تعطيل سائر العلل جبر ، وفي الجمع بينهما ـ كما يناسب عدله تعالى وفضله وحكمته ـ أمر بين أمرين.
إذا فلا مخصّص عقليا أو علميا أو شرعيا ل «كلّ شيء» في نطاق خلقته تعالى ، وذلك قضية توحيد الربوبية في كلّ شيء دون إبقاء.
ف «اعلم علمك الله الخير أن الله تبارك وتعالى قديم والقدم صفة دلت العاقل على أنه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديمومته ، فقد بان لنا بإقرار العامة مع معجزة الصفة أنه لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقاءه وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو معه شيء وذلك أنه لو كان معه شيء في بقاءه لم يجز أن يكون خالقا له لأنه لم يزل معه فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه ، ولو كان قبله شيء كان الأول ذلك الشيء لا هذا وكان الأول أولى