ولو أن «لا تدركه» اختصت بأبصار العيون لما اختصت ذاته بعدم الإبصار حيث إن من المادة أو الطاقة المادية ما لا تدركه الأبصار ، و«إن أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون فهو لا تدركه الأوهام وهو يدرك الأوهام» (١) ف «إياكم والتفكر في الله ، لا يزيد إلا تيها إن الله عز وجل لا تدركه الأبصار ولا يوصف بمقدار» (٢) «ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلا» (٣).
ذلك ، فكما أنه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) في ذاته وصفاته وأفعاله ، كذلك (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) في ذلك المثلث المقدس ، حيث إن إبصاره إدراكا له يشبهه بخلقه المبصرين.
ولئن قلت : «فإنا روينا أن الله قسّم الرؤية والكلام بين نبيين فقسم لموسى الكلام ولمحمد (ص) الرؤية؟! نقول :
فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والإنس أنه (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ)(وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)؟ أليس محمد (ص)؟ .. بلى.
فكيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول : إنه لا تدركه الأبصار ـ ولا يحيطون به علما ـ وليس كمثله شيء ، ثم يقول : أنا رأيته بعيني ، وأحطت به علما
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٥٣ عن كتاب التوحيد باسناده إلى أبي هاشم الجعفري عن أبي الحسن الرضا (ع) قال : سألته عن الله عزّ وجلّ هل يوصف؟ فقال : أما تقرأ القرآن؟ قلت : بلى ، قال : فتعرفون الأبصار؟ قلت : بلى قال : وما هي؟ قلت : ابصار العيون ، فقال : إن ..
(٢) المصدر عن امالي الصدوق باسناده إلى أبي عبد الله (ع) قال : ...
(٣) المصدر عن كتاب التوحيد خطبة لعلي (ع) يقول فيها : ...