الأعلى ، فأحب الإختصاص بالتوحيد إذا احتجب بنوره ، وسما في علوه ، واستتر عن خلقه ...» (١).
و«... إن الخالق لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه ، وكيف يوصف الخالق الذي يعجز الحواس أن تدركه ، والأوهام أن تناله ، والخطرات أن تحده ، والأبصار عن الإحاطة به ، جل عما يصفه الواصفون ، نأى في قربه وقرب في نأيه ، كيّف الكيفية فلا يقال له : كيف؟ وأيّن الأين فلا يقال له : اين؟ هو منقطع الكيفوفية والأينونية ، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ... (٢).
ومن خطبة خطبها وزير الرسول (ص) وخليفته علي (ع) بعد موته (ص) :
«الحمد لله الذي أعجز الأوهام أن تنال إلا وجوده ، وحجب العقول عن أن تتخيل ذاته في امتناعها من الشبه والشكل ، فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن ، وتمكن منها لا على الممازجة ، وعلمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها ، وليس بينه وبين معلومه علم غيره ، إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود ، وإن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم ، فسبحانه وتعالى
__________________
(١) البحار ٤ : ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
(٢) المصدر ، وفيه قدم عليه (ص) يهودي يقال له نعثل فقال يا محمد! إني سائلك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين ، فان أنت اجبتني عنها أسلمت على يدك ، قال (ص) سل فقال يا محمد صف لي ربك فقال : ان الله ... قال صدقت يا محمد أخبرني عن قولك انه واحد لا شبيه له أليس الله واحدا والإنسان واحد فوحدانيته أشبهت وحدانية الإنسان؟ فقال (ص) الله واحد وأحدي المعنى والإنسان واحد تنوي المعنى ، جسم وعرض وبدن وروح فانما التشبيه في المعاني لا غير ، قال : صدقت يا محمد!».