عن قول من عبد سواه واتخذ إلها غيره علوا كبيرا» (١).
ومن خطبة له (ع) خطبها في مسجد الكوفة : «الحمد لله الذي لا من شيء كان ولا من شيء كون ما قد كان ، المستشهد بحدوث الأشياء على أزليته ، وبما وسمها به من العجز على قدرته ، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه ، لم يحل منه مكان فيدرك بأينية ، ولا له شبح مثال فيوصف بكيفية ، ولم يغب عن شيء فيعلم بحيثية ، مباين لجميع ما أحدث في الصفات ، وممتنع عن الإدراك بما ابتدع من تصريف الذوات ، وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرف الحالات ، محرم على بوارع ثاقبات الفطن تحديده ، وعلى عوامق ثاقبات الفكر تكييفه ، وعلى غوائص سابحات النظر تصويره ، لا تحويه الأماكن لعظمته ، ولا تذرعه المقادير لجلاله ، ولا تقطعه المقاييس لكبريائه ، ممتنع عن الأوهام أن تكتهنه ، وعن الأفهام أن تستغرقه ، وعن الأذهان أن تمثله ، قد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول ، ونضبت عن الإشارة إليه بحار العلوم ورجعت بالصفر عن السمو إلى وصف قدرته لطائف الخصوم ...» (٢).
ومن خطبة له (ع) حين استنهض الناس في حرب معاوية :
«الحمد لله الواحد الأحد ... وغار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير ، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير ، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب ، تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول في لطيفات الأمور ، فتبارك الذي لا يبلغه بعد الهمم ، ولا يناله غوص
__________________
(١) البحار ٤ : ٢٢١ ، هي الخطبة التي خطبها بعد موت النبي (ص) بتسعة أيام حينما فرغ من جمع القرآن.
(٢) المصدر ٢٢١ ـ ٢٢٣.