ومن حوار للإمام الصادق (ع) مع الزنديق :
الزنديق : كيف يعبد الله الخلق ولم يروه؟.
الامام (ع) : رأته القلوب بنور الايمان وأثبتته العقول بيقظتها اثبات العيان وأبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب وإحكام التأليف ، ثم الرسل وآياتها والكتب ومحكماتها ، واقتصرت العلماء على ما رأت من عظمته دون رؤيته.
الزنديق : أليس هو قادرا أن يظهر لهم حتى يروه ويعرفوه فيعبد على يقين؟.
الامام (ع) : ليس للمحال جواب» (١)
ذلك ، فاختصاص «لا تدركه» بأبصار العيون ، او اختصاصها ايضا بدركها إياه يوم الدنيا ، ذلك كله اجتثاث لميزة الربوبية الخاصة.
ف «لا تدركه» تحلق على كلّ زمان ، كما ان «الأبصار» تحلق على كافة الأبصار ، بل وصدقها على أبصار القلوب أحرى من أبصار العيون ف (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها) إذ لا يعني الإبصار فيها والعمى إلّا إبصار القلوب وعماها (٢) كما و (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ. أَبْصارُها خاشِعَةٌ) (٧٩ : ٩)(٣) وقد تكفي عناية البصائر من
__________________
(١) المصدر ٩ : ٦٤ و١٦٦.
(٢) نور الثقلين ١ : ٧٥٢ في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في قوله عزّ وجلّ : لا تدركه الأبصار ، قال : ما أحاطه الوهم ، ألا ترى الى قوله : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) ليس يعني بصر العيون (فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ) ليس يعني من البصر بعينه (وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها) لم يعن عمى العيون انما عنى احاطة الوهم كما يقال فلان بصير بالشعر وفلان بصير بالفقه وفلان بصير بالدراهم وفلان بصير بالثياب ، الله أعظم من ان يرى بالعين.
(٣) من آيات تلكم الأبصار : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي ـ الْأَبْصارِ) (٣ : ١٣) (اولي ـ