الأبصار بجنب عناية العيون لعناية الاستغراق في (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ).
بل والإدراك ايضا ليس في الأغلبية الساحقة إلّا بحق القلوب ، وأما العيون فحقها «لا ترى ـ لا تبصر» وما أشبه.
وكما نرى آيات الإدراك كلها تعني الوصول وهو فعل القلب أم واقع الوصول دون العيون التي لا تجد إلّا صورا منعكسة عن الواقع قد تخطأ (١).
أجل (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) لعللها وكللها بحدودها وقيودها ، ولأنه تعالى لا يحسّ ولا يجسّ ولا يمسّ ولا يدرك بالحواس الخمس وسائر الإدراك.
(وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) لحيطته على كلّ شيء ، أنّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) ثم : (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) لطيف لا يدرك ، ولطيف يدرك كلّما يدرك أو لا يدرك ، لطيف عن كلّ الأبصار ، ولطيف الإبصار لكلّ الأبصار ، لطيف في ذاته وفي أفعاله وصفاته ، لطيف في صنعه ، لطيف في عطفه ولطفه «لطيف لطف بخلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة وإن صانع كل شيء فمن شيء صنع ، والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء» (٢).
__________________
ـ الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) (٣٨ : ٤٥) (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) (٥٩ : ٢) (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) (٢ : ٧) (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ) (٦ : ١١٠) (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) (١٦ : ١٠٨) (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٤٧ : ٢٣).
(١) مثل (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ) (١٠ : ٩٠) (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) (٣٦ : ٤٠) (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) (٤ : ٧٨) (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (٣٦ : ٦١).
(٢) نور الثقلين ١ : ٧٥٥ عن اصول الكافي عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن (ع) ... فقولك (اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) فسره لي كما فسرت الواحد فإني اعلم ان ـ