حملهم على الهدى ، كذلك لا يشاء توفيقهم لها حين يستحبون الردى على الهدى ، أم لا يشاءون الهدى (١).
فاعلم يا رسول الهدى أنهم ليسوا في إشراكهم بالله متغلبين على مشيئة الله ، ف (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) فان قضية الرحمة والحكمة الربانية التخيير بعد الدلالة دون إجبار وتسيير ، فمن استرحم الله رحمه ومن أعرض عن الله حرمه ، ضابطة ثابتة في حقلي الضلال والهدى.
ذلك (وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) تحافظ عليهم شاءوا أم أبوا ، فانما أنا الحفيظ فيما يجب الحفاظ أم هو راجح ، ثم :
(وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) تكلّ أمر ضلالهم وهداهم ، فلا وكالة ولا حفاظة ولا نيابة للرسول (ص) ـ فضلا عمن سواه ـ على أحد في تكوين أو تشريع ، في تسيير أم توفيق أما ذا من غير رسالة الله حملا ودعوة ودعاية.
إذا فلا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ، ولا تأسف على ما يضلون فإن هم إلّا مضلي أنفسهم وما يشعرون.
ذلك! ومن الإعراض عنهم عدم مقابلتهم بمثل ما هم قائلون أو عاملون ، أو سبهم أم سب آلهتهم التي ألهتهم فيسبوا الله عدوا بغير علم :
(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٠٨):
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٥٦ عن مجمع البيان في تفسير اهل البيت عليهم السلام «لو شاء الله ان يجعلهم كلهم مؤمنين معصومين حتى كان لا يعصيه أحد لما كان يحتاج إلى جنة ولا إلى نار ولكنه أمرهم ونهاهم وامتنحهم وأعطاهم ماله عليهم به الحجة من الآلة والاستطاعة ليستحق الثواب والعقاب».