(وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ)(١١١) :
هنا جمع لجماع الآيات الممكنة في ذواتها أن تأتيهم في مثلث نزول الملائكة وتكليم الموتى وحشر كلّ شيء عليهم قبلا ، أنهم (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) اللهم (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) حملا لهم على إيمان ، ولكنه خلاف حكمة الابتلاء ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) تجاهلا عن ذلك الواقع المرير الشرير ، فأقلهم يعلمون أنهم سوف لا يؤمنون.
ف «لو أننا ...» تشعر هؤلاء المسلمين (أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) كما ويشعر هؤلاء المشركين بما هم يجهلون ويتجاهلون ، مزيدا لايمان المؤمنين ، وحجة على الكافرين ، فهم ـ أكثرهم ـ يجهلون الحق وآيات الحق ودلالاتها على الحق ، ظلمات بعضها فوق بعض.
وهنا «حشرنا ...» غير الداخلة في مقترحاتهم تضاف إليها مزيدا لما يقترحون ، لمزيد الإشعار أنهم لا يؤمنون ، فهي ـ إذا ـ حجة بالغة تحلّق على ما يمكن اقتراحه من الآيات ، ولم يذكر من اقتراحاتهم المستحيلة كإتيان الرب نفسه ، إذ هو خارج عن حيطة الإمكان ، فكيف بالإمكان أن يحتج بواقع له على واقع اللاإيمان عنده ، وقد نزلت الآية بشأن مختلف اقتراحاتهم المتخلّفة (١)!.
__________________
(١) في تفسير الفخر الرازي ١٣ : ١٤٩ قال ابن عباس : المستهزئون بالقرآن كانوا خمسة : الوليد بن المغيرة المخزومي والعاص بن وائل السهمي والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب والحرث بن حنظلة ثم انهم أتوا الرسول (ص) في رهط من اهل مكة وقالوا له : أرنا الملائكة يشهدوا بأنك رسول الله أو ابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم أحق ما تقوله ام باطل ، أو ائتنا بالله والملائكة قبيلا اي كفيلا على ما تدعيه فنزلت هذه الآية.