ومن الإثم الظاهر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) (٢ : ٢١٩) والحظر يشمل (ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) فان لظاهره باطنا ولباطنه ظاهرا ، وحتى إذا اختص الإثم بظاهر أم باطن فهو إثم كيفما كان ، إبطاء عن الثواب أيا كان ، وكلّ مبطئ عن واجب الثواب فهو محرم لهذه الضابطة ثم (ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) قد تعني فيما عنت ظاهر الإثم متظاهرا فيه ف (ظاهِرَ الْإِثْمِ) ومتخفيا ف «باطنه».
وما هو ـ بعد ـ ظاهر الإثم وباطنه في حقل الأكل هنا؟ من ظاهر الإثم ترك الأكل مما ذكر اسم الله عليه ، والأكل مما لم يذكر اسم الله عليه ، ومن باطنه تحريم الأول وتجويز الثاني تشريعا وان لم يظهر في العمل ، كما وان من ظاهر الظاهر اقترافه متظاهرا ، ومن باطنه اقترافه خفية (١) كما أن من ظاهره الأكل مما يضر صحيا أم هو خيانة ، ومن باطنه الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه غير الظاهر إثمه إلّا بوحي وقد أوحي.
فقد يخيل إلى ناس أن ليس ترك الأكل من المباح والأكل من الحرام محظورا إن لم يعتقد في حل أو حرمة خلاف شرعة الله ، أم ليست العقيدة المتخلفة في الأكل محظورة إن لم تظهر في العمل ، أم لا يحرم العمل ما لم يتظاهر فيه ، أم لا يحرم لعدم ظهور إثمه ، فنزلت الآية حاسمة إياها منددة بها مهما كانت دركات ، ثم الجمع بين ظاهر الإثم وباطنه هنا وفي سواه أسفل دركا ، ثم باطن الإثم اعتقادا ، ثم ظاهره اقترافا ، ثالوث منحوس من الإثم تشمله (ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ).
ذلك ، وليس يختص الحظر هنا بإثم الأكل المحرم وتحليله ، بل هو ضابطة ثابتة تحلّق على كل إثم في كلّ الحقول ، حيث الإثم : المبطئ
__________________
(١) قال الضحاك كان اهل الجاهلية يرون الزنا حلالا ما كان سرا فحرم الله تعالى بهذه الآية السر منه والعلانية.