ومن آثار تلك الحياة وذلك النور أن صاحبها (يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) مشي الحي البصير على صراط مستقيم ، حين يمشي سائر الناس مكبين على وجوههم : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٦٧ : ٢٢).
وكذلك كان المؤمنون ويكونون في مثلث الزمان دون اختصاص للنص بأيّ كان ، فقبل أن ينفتح الإيمان في أرواحهم ويطلق فيها هذه الطاقة الفخمة من الحيوية والحركة والتطلّع والاستشراف كانت قلوبهم ميتة دون حراك إلّا تحريا عن الإيمان ، وكانت أرواحهم ظلاما بكلّ عراك ، فثم إذا قلوبهم ينضح عليها الإيمان فتهتز ، وإذا أرواحهم يشرق فيها النور فتضيء ويفيض منها النور فتمشي في الناس هادية الضالين ، ملتقطة الشاردين ، مطمئنة الخائفين ، محررة المستعبدين ، كاشفة معالم الطريق للناس أجمعين.
ذلك ومن غريب الوفق عدديا في القرآن ما بين الموت والحياة بمختلف صيغهما ان كلا منهما يذكر (٧١) مرة ، وعله لأنهما معا بلوى كما يقول الله : (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (٦٧ : ٢).
(وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (١٢٣) وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ