والإيمان استعداد فسعي فاستمداد فهو حياة تتعالى.
والكفر موت عنها كلها حيث يحجب الروح عن كلّ تحركاتها الإنسانية السامية ، والإيمان ظل ممدود من الرحيم الرحمن والكفر ضلال ممدود من اللعين الشيطان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟
أجل والإيمان حياة طيبة تسعى نوره في كلّ النشآت ولا سيما الآخرة : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) (٥٧ : ١٣).
وكما للإيمان درجات متتاليات كذلك للنور درجات متواليات : (يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) (٦٦ : ٨) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥٧ : ٢٨).
ذلك والحياة البدنية ونورها تنقضي بالموت ولكن حياة الإيمان ونوره يستمران إلى البرزخ والقيامة الكبرى دون اعتراض موت ، اللهمّ إلّا تكاملا وشفافية اكثر مما كان في الدنيا ، أجل وإنها حياة فوق الحياة الشاملة لكلّ الأحياء العاقلة نتيجة العمل الصالح للإيمان وبالإيمان : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٦ : ٩٧) حياة طيبة روحية نورانية لا تشوبها أية قذارة أو موت ، ف (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (٥٨ : ٢٢).
فأين حياة الروح وموته من حياة البدن وموته ، فرب حيّ بالبدن ميت في الروح وهو الكافر ، أو ميت بالبدن حيّ في الروح وهو المؤمن.