الصدر «أن الله إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه وقلبه حتى يكون أحرص على ما في أيديكم منكم ...» (١).
ذلك (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ) عن الإسلام والنور (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) : ضيقا لا ينفتح لمحاصيل العقل السليم وسواها من هدى آفاقية أو أنفسية ، و«حرجا» «كالشيء المصمت الذي لا يدخل فيه شيء ولا يخرج منه شيء (٢) فهو أضيق الضيق الذي لا مدخل فيه ولا مخرج عنه ، وأصل الحرج الوادي الكثير الشجر المشتبك الذي لا طريق فيه ، والشجرة تحدق بها الأشجار فلا يصل إليها رعية ولا وحشية ، وكذلك قلب الكافر.
فهي نهاية الضيق حيث لا مجال له ولا منفذ لنور المعرفة والإسلام حيث احتله كله الظلام.
و«حرجا» مصدرا دون «حرجا» صفة مشبهة ، تعني المبالغة في إحراجه لحد كأنه نفس الحرج ، صدر لا يستطيع أن يتنفس نفس الرحمن وإنما يتنحّس بنفس الشيطان (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ) صاحبه «في السماء» والتصعّد هو صعوبة الصعود «في السماء» التي لا مجال للصعود فيها حيث لا مادة للتنفس فيها يستفيد منها صاحب الصدر المتنفس ، أم ولا وسيلة صالحة لذلك الصعود.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٦٥ في أصول الكافي عن أبي عبد الله (ع) قال : ان الله عزّ وجل ...
(٢) نور الثقلين ١ : ٧٦٦ في تفسير العياشي قال ابو عبد الله (ع) لموسى بن أشيم : أتدري ما الحرج؟ قال : قلت : لا ، فقال بيده وضم أصابعه : كالشيء المصمت .. وفيه عنه (ع) في قوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ ...) قال : قد يكون ضيقا وله منفذ يسمع منه ويبصر والحرج هو اللثام الذي لا منفذ له يسمع به ولا يبصر منه.