الأوّل به تعالى في ربوبيته والثاني بخلقه في مربوبيتهم.
و«ربك» دون (رَبِّ الْعالَمِينَ) وما أشبه ، لمحة إلى الصراط الثاني حيث الأوّل لا يختلف بالنسبة له تعالى في جميع المكلفين ، والثاني تختلف في درجاته ، أو يقال إن صراطه تعالى في ربوبيته تشريعا لهذه الشرعة الأخيرة يختلف عما لسائر الشرائع ، كما يختلف صراط السالكين في هذه الشرعة عما قبلهم.
و (صِراطُ رَبِّكَ) هنا بتلك الإضافة المطمئنة توحي بالثقة والطمأنينة المبشرة بالنهاية المرغوبة ، فهذه هي سنة الله في الهدى والضلالة ، وتلك هي شرعة الله في الحل والحرمة ، كلاهما من (صِراطُ رَبِّكَ) سواء في ميزان الله ، لحمة في سياق كتاب الله.
(قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) في ذلك الصراط (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) الهدى عن الضلال.
فقوم يذكرون هم على صراط مستقيم من صراط ربك المستقيم فلهم ما لأصحاب الصراط المستقيم :
(لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١٢٧) :
(دارُ السَّلامِ) وما أدراك ما هي دار السلام؟ إنها دار يدعوا الله إليها عباده الصالحين السالكين صراطه المستقيم «والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم» (١٠ : ٢٥) وهذا من إضافة الموصوف إلى صفته.
دار تستروح فيها أرواحهم بروح المعرفة والزلفى وروح الطمأنينة العليا ، سلاما طليقا يحلق على كيانهم ككلّ (عِنْدَ رَبِّهِمْ) عندية الحضور كما يمكن ، ناظرين رحمته ، حاضرين عنايته ، لا تغيب عنهم ولا يغيبون