لقدر الحاجة (١) ، أم في ترك الأكلّ منه كالعادة (٢) أم في إيتاءه لغير مستحقيه ، أم في تقسيمه بلا تسوية بين المحاويج قدر الحاجة ، فكلوا منه عدلا وآتوا حقه يوم حصاده عدلا وفضلا (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) أيّا كانوا وفي أيّ كان وأيان.
هنا (آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) : حقّ ما ذكر وحقّ الله ـ فحق الله حق فيما ذكر لأهل الله ـ برهان ساطع لا مرد له على حق مقدّر معلوم يؤمر صاحب الجنات والمزارع بإيتائه يوم حصاده ، كما و (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٧٠ : ٢٥) وإن كان أيضا (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٥١ : ١٩) ولكنه أيضا معلوم ب (حَقٌّ مَعْلُومٌ).
إذا ف (حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) هو الحق الواجب إيتاءه دون إقتار ولا إسراف ، وذلك من بدائيات الحق المعلوم ، ومن ثم الأنصبة المسرودة في السنة مرحلة ثانية لحقه يوم حصاده.
والقول «إنه حق غير واجب الزكوة ، إذ ليس في بعض ما ذكر في
__________________
(١) روى الطبري وغيره عن ابن جريح قال : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس جذّ نخلا فقال : لا يأتيني اليوم احد إلّا أطعمته فأطعم حتى امسى وليست له ثمرة فأنزل الله (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) أقول : ذلك من باب الجري حيث الآية مكية وقصة بن قيس مدنية ، فقد ينطبق كلّ إسراف على الآية كما هي القاعدة في كلّ الآيات المبينة لمثلها من القواعد ، أو الخطابات الخاصة بالغاء الخصوصية لشمولية الأحكام القرآنية.
(٢) المصدر علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن المثنى قال : سأل رجل أبا عبد الله (ع) عن قول الله عزّ وجلّ (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) فقال : كان فلان بن فلان الأنصاري ـ سماه ـ وكان له حرث وكان إذ أخذ يتصدق به ويبقى عياله بغير شيء فجعل الله عزّ وجلّ ذلك سرفا.