ومن غير المعروشات وهي المستقلة في قيامها (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً) كلّ في أثمارها ، في طعومها واشكالها وألوانها وسائر أقدارها ، وغير متشابه في هذه بعضها أو كلها.
(كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) : من ثمر المنشإ بأمر الله ، أو من ثمر ما ذكر دون اختصاص بالأخير وهو الرمان ، إذ لا اختصاص له بسماح الأكلّ وإيتاء الحق ، وحتى لو اختص بالأخير لكفى تدليلا على واجب الزكوة في الرمان نقضا لاختصاصها بالغلات الأربع.
والأمر بأكله إذا أثمر سماح له حيث الموقف موقف الحظر ، لأن المنشئ لها هو الله : (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ) فهو المالك لها فلا يجوز الأكلّ منها إلّا بإذنه ، ثم (وَآتُوا حَقَّهُ) دليل أن الفقراء هم شركاءهم فيه ، فهذا محظور ثان للأكلّ منه قبل إيتاء حقه.
ولكنه تعالى رحمة منه ، وتقديما لصاحبه على غيره في الأكلّ منه ، يأمرنا سماحا (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) تلحيقا له بإيتاء حقه : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) وهو الزكاة المفروضة (وَلا تُسْرِفُوا) في الأكلّ من ثمره تجاوزا عن حق الأكلّ : العدل المعتدل ، إسرافا في قدره فوق الحاجة ، أم إسرافا في صرفه وإن قليلا في المعصية ، أم إسرافا في إشراك الأصنام في الحرث والأنعام ، ثم تقتيرا في التصدق منه (١).
كما (وَلا تُسْرِفُوا) في الإيتاء منه أن تؤتوا كلّه أو كثيرا منه بلا إبقاء
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٧١ عن القمي بسند متصل عن أبي عبد الله (ع) حديث طويل يقول فيه (ع): وفي غير آية من كتاب الله يقول : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) فنهاهم عن الإسراف ونهاهم عن التقتير لكن امر بين أمرين لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له.