اطلق في التوراة حرمة الدم دون تقيد بمسفوح وسواه (١) والتفصيل محول إلى آية المائدة فراجعها.
وقد تعني «لا أجد» مضارعة ـ تشمل الحال والاستقبال ـ عدم وجدان محرم أصيل في حقل بهيمة الأنعام إلّا هذه المذكورات منذ نزول هذه الآية حتى الوحي الأخير على ذلك البشير النذير ، فما ورد في تحريم لحوم الحمر الأهلية أو سواها مرفوضة (٢) ، فإنما يحرم المفترس من الحيوان لا سواه وكما ثبت عن النبي (ص) انه «نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير» (٣) فكلّ ما ليس من الأنعام من حيوان
__________________
(١) في التورات سفر اللاويين ١٧ : ١٢ «لذلك قلت لبني إسرائيل لا تأكل نفس منكم دما ولا يأكل الغريب النازل في وسطكم دما» ومثله في التكوين ٩ : ٤.
(٢) مثل ما في آيات الأحكام للجصاص ٣ : ٢٠ من حديث الزهري عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما انه سمع علي بن أبي طالب (ع) يقول لابن عباس نهى رسول الله (ص) عن أكل لحوم الحمر الإنسية وعن متعة النساء» ورواه عنه (ص) ابن عمر وجابر والبراء بن عازب وابن أبي اوفى وسلمة بن الأكوع وأبو هريرة وأبو ثعلبة ، والمقداد بن معدي كرب وابو ثعلبة الخشني وانس بن مالك وسعيد بن جبير ، رووه عنه (ص) مثله ، ويعارضه ـ بعد الآية ـ ما روي عن عبد الرحمن بن مغفل عن رجال من مزية فقال بعضهم غالب بن الأبجر وقال بعضهم الحر بن غالب انه قال : يا رسول الله (ص) انه لم يبق من مالي شيء أستطيع ان اطعم فيه اهلي غير حمرات لي قال : فاطعم أهلك من سمين مالك فانها كرهت لكم جوال القرية ، أقول : بذلك يتبين المعنى من حرمة الحمر الأهلية انه من باب الإسراف دون الحرمة الذاتية ، وهكذا الأمر في الافراس وأشباهها من الرّكوب التي هي أصلح للرّكوب من الأكلّ ، وكما في نور الثقلين ١ : ٧٧٤ عن التهذيب عن أبي جعفر عليهما السلام في حديث ونهى رسول الله (ص) عن أكل لحم الحمير والخيل وانما نهاهم لأجل ظهورهم ان يفنوه وليست الحمر بحرام ثم قرأ هذه الآية.
(٣) المصدر ٢٢ عن ابن عباس قال : نهى رسول الله (ص) .. ورواه علي بن أبي طالب ـ