ثم المضطر لا عن إختيار قد يكون باغيا يبتغي أكلّ الحرام ، أم عاديا عاصيا ففاجأه الاضطرار ، أم عاديا في أكله أكثر من قدر الاضطرار ، فهؤلاء هم كما المضطر باختيار لا تشملهم (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) مهما كان على المضطر المقصر أن يأكلّ قدر الضرورة حفاظا على الأهم من نفسه وصحته.
وترى (فَمَنِ اضْطُرَّ ..) فهو غير آثم ، كيف تناسبه (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)؟ علّه لأن لذلك الإثم واقعين اثنين ، واقع العقوبة الأخروية وهو خاص بباغ أو عاد أو من اضطر باختيار ، وواقع الضرر أتوماتيكيا بتلك الأكلة المحظورة وهو مورد الغفر والرحمة الربانية بسند الاضطرار غير المقصر.
تلحيقة :
بهيمة الأنعام وهي غير السباع كلها محللة بنص القرآن ، والمحرم هو كلّ مفترس من الحيوان ذي مخلب أو ناب كما ثبت في متواتر السنة ، وكذلك من حيوان البحر غير السماك والروبيان ، والتفصيل إلى فقه السنة.
ذلك ، ولأن حرمة البعض من بعض الأنعام في شرعة التوراة قد تصبح ذريعة للتحريم الجاهلي ، لذلك يبين الله أنها كانت ابتلائية لردح من الزمن ثم أحلت.
(وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ