ـ إذا ـ إلّا عرض هو مكرور على المكلفين ، بيانا لأصل الحجج والفصل بين الضفتين في هذا البين :
(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا(١) هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٤٩) :
إنه لا شأن للمرسلين عن بكرتهم إلّا التبشير والإنذار بإذن الله ، وأما إتيان آية رسولية أو رسالية فليس من شأن الرسل ، ف (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) و (بِعِلْمِ اللهِ) لا تعدوه إلى سواه.
وليست وظيفة هؤلاء المرسلين إلّا حمل الرسالة الربانية إلى المرسل إليهم دونما زائد أو ناقص ، نقلا لهم إلى الرشد العقلي والمعرفي ، دون ادعاء أن لهم ما لله من شؤون ، ولا ضرب بهم في تيه الفلسفات الّذهنية والمجادلات اللاهوتية المختلقة ، التي استنفدت طاقات الإدراكات البشرية أجيالا بعد أجيال.
«فمن آمن» بالله وما أرسلوا به «وأصلح» ما فسد منه ومن سواه قدر المقدور عقيديا وعلميا وخلقيا وعمليا (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من أية كارثة قارصة عذابا هنا وهناك (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) على ما فاتهم من لذات عابرة ، أو اعترضتهم من هزّات غابرة.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) وماتوا وهم كفار (يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ) أحيانا هنا وفي كلّ الأحيان هناك (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) عن حد العبودية والطاعة ، تحللا إلى ما لا يحل ، وتغافلا عما يجب أو يحل.