نسخ لا جليل ولا قليل ، اللهم إلّا مزيدات من تنظيمات خلقية من توجيهات السيد المسيح (ع) ، فشرعة الإنجيل هي شرعة التورات في الأصل ، كما يكرره السيد المسيح (ع) في الإنجيل ، ويعتبر القرآن نفسه بعد التوراة تأشيرا عشيرا إلى هذه الوحدة : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ. قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤٦ : ٣٠).
(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ):(١٤٧)
فهو أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة وأعظم المتجبرين في موضع النكال والنقمة ، ومن رحمته الواسعة تحليل الطيبات وتحريم الخبائث ، ومن نقمته تحريم طيبات على الذين هادوا ببغيهم ، ومن نكاله على الذين يحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله نكال الآخرة والأولى.
(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ)(١٤٨) :
بعد كلّ هذه التنديدات بالإشراك بالله والحجاجات على المشركين بالله نسمعهم قد يبررون موقفهم من عقيدتهم وأعمالهم الشركية بأن المشية إنما هي لله ، فلو شاء الله ألّا نشرك به ما أشركنا ولا حرمنا من شيء إذ لسنا نقدر أن نتغلب على مشيئة الله ، فحين أشركنا وحرّمنا علمنا أنه ليس خلاف مشيئة الله ، بل هو الذي يشاء شركنا وتحريمنا ، فشركنا توحيده وتحريمنا تحريمه وتوحيدنا خلاف مشيئته إشراك به.
هنا «سيقول» إخبار بالمستقبل أنهم ما قالوه حتى الآن وسيقولونه بعد