سلبية العلم فيما هم يدعون بصورة طليقة ، وسحقا لما خيل إليهم من حجة (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) والخرص هو أقبح أنواع الكذب ، حيث لا يملك حجة وهو فرية وقحة على الله.
ذلك ، لأن الجبر يبطل رسالات الله ، ويمس من كرامة الربوبية فضلا وعدلا ، ويهدم صرح التشريعات عن بكرتها ، وهم يدعون الجبر نكرانا للرسالات ، وإباحية لكلّ الشهوات والشيطنات ، وجمعا لله حيث يسيّر الكلّ على كلّ الشرور والخيرات ، بين تحقيق المتضادات ، وحيث يسيّر جمعا على التوحيد وآخرين على الإشراك ، جمعا بين وحدته وتعدده ، وجمعا بين إرساله رسل الخير النبيين ورسل الشر الشياطين ، وذلك أقبح الافتراءات على رب العالمين و (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الله ورسل الله «حتى ذاقوا وبال أمرهم».
إن الحجة البالغة الإلهية على ما يحمله المرسلون شهادة ربانية على صدقهم ، فمن هم شهداءكم على ما تدعون من أصول وفروع؟ :
(قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)(١٥٠) :
«قل» لهؤلاء المدعين الزور بكلّ تزوير وغرور لو كان لكم شهداء على ما تدعون ف (هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا) الذي تحرّمون (فَإِنْ شَهِدُوا) فشهادتهم عاطلة باطلة إذ لا ترتكن إلى ركن وثيق من علم أو اثارة من علم (فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) إذ لم يوح إليك ما أوحي إلى شياطينهم (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) في هذه الشهادة الزور فإنهم في ثالوث منحوس : التكذيب بآيات الله قاعدته ، ثم (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ـ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) : تهديما لصرح التوحيد والنبوة والمعاد.