القرآن ، فالسنة هي حجة هامشية مبينة للقرآن : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٤ : ١٦٥).
فالرسول بجنب الكتاب حجة علمية وعملية ، فهو أسوة فيهما كيلا يقال لم نفهم الكتاب كله ، أم لا نستطيع أن نعمل بالكتاب كله ، والرسول أمثولة للكتاب كله ، حجة تقطع كلّ الأعذار.
ذلك ـ وفاء التفريع الأول فيه «فلله» تقلّب حجتهم عليهم إذ لا حجة لهم على دعواهم فليس عندهم عليها من علم فيخرجوه ، والتفريع الثاني في «فلو شاء» حجة أخرى على غرقهم في لجّتهم أنه لا يشاء تسييرا على الهدى بل هو تخيير اختيارا للهدى أو للردى (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) وليس اختيارهم الشرك تحقيق مشيئة تشريعية أم وتكوينية مسيّرة لهم على الشرك ، ومن الحجّة البالغة لله الفطر والعقول الحاكمة بتوحيد الله وهم تاركوهما إلى ظنون وتخيلات تخبلات تعارض كافة الحجج الآفاقية والأنفسية!.
فلأن «لله (الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) دونما تقصير أو قصور ، وهو يشاء تشريعيا تحقيقها واقعيا ، «فلو شاء» ذلك تكوينا تسييرا (لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) ولكنه على حجته البالغة في كلّ الحلقات يبتليكم بما تختارون.
فليس عدم صدّه عن الإشراك به لرضاه به أو عجزه عن ذلك الصد ، إنما هو حكمة بالغة تكليفا حنيفا عطيفا في دار البلية والاختبار بالاختيار.
وهذه الآية هي من تلك التي تدلنا على واقع الأمر بين أمرين دون جبر ولا تفويض من جهات عدة : فإن (كَذلِكَ كَذَّبَ) تنديد بالقول (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا) في خرافة الجبر ، ثم ومديده (حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) ومن ثم التجهيل بفارغ الحجة (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا) تدليلا على