دركاته ، وحصيلته خالص التوحيد لله في كلّ درجاته ، فعلى كلّ قدر إمكانيته طرد الإشراك بالله ، وسرد توحيد الله في قاله وحاله وأفعاله (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
ذلك ، فهي تبقية لضمير الفطرة على خالص التوحيد ، وتنقية له من أو شاب الشرك ، وتنقية العقل من أو شاب الخرافات ، ومن تقاليد الجاهلية الجهلاء العمياء ، وبصورة شاملة تخلية للحياة عن عبودية العباد تحلية لها بعبودية الله وحده لا شريك له ، فإن الشرك في كلّ صورة هو المحرم الأول حيث يجر إلى كلّ محرم ، والمنكر الأول الذي يجب حشد الإنكار له كله.
وترى كيف يكون مما حرم عليكم ربّكم (أَلَّا تُشْرِكُوا ... وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) فهل عدم الإشراك هناك وفعل الإحسان هنا مما حرم عليكم ربكم؟.
والجواب أولا أن «حرم» تعني جعل الحريم ، ثم بيّن ذلك الحريم بالنهي عن الحرام والأمر بالواجب ، فلكلّ حريم بذلك التحريم.
وثانيا : «أتل» قد تعني تلاوة ما يبين المحرمات سواء أكانت بصيغة النهي كما في مناهيها ، أم بصيغة الأمر كما في أوامرها ، وهما يجتمعان في بيان أصول المحرمات.
ولأن «الوالدين» هما المكمن الأوّل للناشئة إيلادا بإذن الله ، وتربية وترقية ، فلهما الدور الثاني بعد الله :
٢ ـ (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) إذا فترك الإحسان بهما محرم ، وليس فقط الإساءة إليهما ، فهنا نعرف ـ كضابطة ـ أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده العام وهو هنا ترك الإحسان ، فإن أساء فمحظور مؤكد.
وقد عد الإحسان بالوالدين في عديدة كهذه بعد النهي عن الإشراك