ذلك ، ولصراط الله منعة تمنع عن التفرق والانزلاق والانحياق ، كما ولسائر السبل منعة تمنع عن الانسلاك إلى صراط الله ف (لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) المختلفة عن سبيل الله (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
صحيح أن سبيل الله أيضا سبل ولكنها سبل تنتهي بسلاكها إلى الصراط حيث الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٥ : ١٦) ـ (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (٢٩ : ٦٩) ثم المسلك النهائي لهذه السبل : (وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
فأين سبل الظلام التي تتفرق بكم عن سبيله من سبل السلام التي توصلكم إلى سبيله؟.
ذلك ، وفي نظرة أخرى شاملة إلى هذه الآيات الثلاث نجدها تحمل أحكاما تشترك فيها كلّ شرائع الدين ، ومثلث التعبير ب «وصاكم» فيها قد يشير إلى ذلك الاشتراك وكما في آية الشورى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ..) (٤٢ : ١٣) فإن في هذه الوصايا العشر نجد أصل الدين ككلّ ، ففيها الحفاظ عليه كأصل.
__________________
ـ القمي عن الامام الباقر (ع) في الآية قال : نحن السبيل فمن ابى فهذه السبل.
أقول : وفي معناه روايات عدة تعني تفسير الجري والتطبيق على ثاني المصداقين لداعية الصراط ، وهكذا يجري في العلماء الربانيين العارفين العاملين بكتاب الله وسنة رسول الله (ص).