ثم وتذييل الآية الأولى ب (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) علّه لأن ما تشمله من حرمات هي قضية أصيلة للفطرة والعقلية الإنسانية غير المعقولة بعقالات الهوى.
وتذييل الثانية ب (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) يعني تذكّر ما في الفطرة والعقل بتأمل فإن ما تحمله ليست كما الأولى في ظهورها وبهورها ، فقد يحتاج في عقلها بتعبئة العقل بتذكر وتعمل وتأمل.
وتذييل الثالثة ب (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) يعني واقع التقوى الحاصلة بذلك التعقل والتذكر ، اتقاء عما يخالف الفطرة والعقلية الصالحة ، وكلّ ذلك بذلك الوحي المنيف ، اجتماعا لمثلث الوحي فطرة وعقلية وشرعة ، والأخيرة هي المكملة لما في الأولين.
فقد يكون الإنسان على صراط التقوى ما دام هو في صراط التعقل والتذكر ، تبنيا للفطرة كأصل أوّل ، وللشرعة كأصل آخر ، فبينهما التعقل والتذكر ، عقلا عن كلا الفطرة والشرعة ، وتذكرا لأحكامهما حسب المستطاع والمقدرة ، ف (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها).
(ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ)(١٥٤) :
ترى ما هو دور «ثم» هنا و (تَعالَوْا أَتْلُ) تلاوة قرآنية ليست إلّا بعد (آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ)؟ اللائح من (أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ..) كما اسبقناه أن هذه التلاوة تحمل إجمالا عن كافة شرائع الدين ، المتلوة على كافة الأمم الرسالية ، وحيث لا يحمل تفصيلها في هذه الخمس إلّا شريعة التوراة ومن ثم القرآن ، فقد تعني «ثم» تراخي التفصيل في هذين الكتابين عن الإجمال المتلو لهذه العشرة الكاملة.
ف «ثم» بعد تقرير هذه العشرة من أصول التشريعات المشتركة بين كلّ