الشرائع (آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً) دون نقصان كتفصيل أول للردح الزمني الخاص لشرعة التوراة (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) الله من إجمال هذه العشر ، تماما على قراره وغراره لموسى ، فهو تفصيل أوّل تام على ضوء ذلك الإجمال الهام ، و (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) محمد (ص) من تلاوة ما حرم عليكم ، و (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) موسى من جهاده في رسالته وجهوده و (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) من بني إسرائيل في تطبيق هذه النواميس العشرة ، كما (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) (٧ : ١٤٥) فإن أحسنها هذه العشرة.
و«تماماما على الذي أحسن» هنا تطبيق لما وعد المحسنين من ذي قبل : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)(٢ : ٥٨).
و (تَماماً عَلَى الَّذِي) هو «أحسن» مما سبقه من كتابات الوحي ، فإن فيها تماما للنواميس العشرة حسب الحاجات في أدوارها ، ولكن الشرعة التوراتية هي تمام أحسن من التمام في سائر الكتب السابقة عليه.
ذلك وقد تعني (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) خماسية الأحسن قضية حذف الفاعل والمتعلّق ، فذلك الجمع الخماسي هو تمام على الذي أحسن في أدب اللفظ وحدب المعنى.
ف «الكتاب» هنا على أية حال يحمل أوّل تمام لتفصيل النواميس العشرة (تَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) منها دون إبقاء ، «تفصيلا» أوّل كما يناسب الردح الزمني للشرعة التوراتية «وهدى» للعالمين «ورحمة» لهم كما يقتضيه ذلك الدور المحدد (لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) : لقاء معرفيا وعبوديا هنا ، فلقاء يوم الحساب للثواب والعقاب ، وفي «لعلهم ..»