تعريض ببني إسرائيل حيث أنكروا لقاء الله لحدّ حذفوا آيات القيامة عنها اللهم إلّا شذرة مشيرة!.
ذلك ، وكما نرى الشرعة التوراتية ترتكن على النواميس العشرة مهما وضحت لها فروعا هي المعنية ب (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) وليس الإنجيل شرعة جديدة بعد التوراة اللهمّ إلّا في تحليل ما حرم فيها عقوبة كما مضت (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ).
لذلك لا يذكر الإنجيل هنا بعد التوراة في حقل التفصيل ، وكما لم يذكره الجن الذين استمعوا القرآن إذ (قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤٦ : ٣٠) فإنما يذكر القرآن هنا وهناك دون فصل.
أجل (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً ...) إيحاء بأن هذا الصراط المستقيم ممتد من ذي قبل في كلّ رسالات الله ، وأتم شرعة من ذلك الصراط قبل شرعة القرآن هي التوراة ، ثم القرآن تكملة له وتكملة لسائر الشرائع كما يحق ويمكن ، حاملا في صرحه لبنات الخلود دون زوال ولا اضمحلال :
(وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(١٥٥) :
أف «هذا» القرآن (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) كبركة التوراة دون زيادة عنه؟ إذا فلا جديد فيه حتى يتبع بعد التوراة ما فيه! إنه «مبارك» بصورة طليقة تحلق على أرض التكليف جغرافيا وتأريخيا إلى يوم الدين ، فأين مبارك من مبارك ، وليس (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) إلّا لذلك المبارك لما انقضى دور الأوّل؟.
وقد «يمثل القرآن» على ما يروى من رسول القرآن حجة للمؤمنين به