العاملين ، وحجة على الكافرين به والتاركين (١).
لقد أنزل ذلك الكتاب المبارك قطعا لأية حجة وبيّنة طليقة من الرب حليقة على كلّ الطلبات ، حقيقة بالاتباع إلى يوم الدين :
(أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ)(١٥٦) :
والطائفتان المنزل عليهما الكتاب المفصل بعد إجمال النواميس العشرة هما اليهود والنصارى ، وهذه دلالة ثالثة قرآنية على أن التورات كتاب شرعة أحكامية لكلا اليهود والنصارى ، كما وهو للعالمين أجمعين حتى زمن نزول القرآن.
فاختصاص نزول الكتاب المفصل بطائفتين دون نزول ثان على الأميين وهم قوم لدّ ليسوا ليحنّوا إلى كتاب أنزل على غيرهم ، ذلك حجة قد تقطع عذرهم عما هم (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ) (٤١ : ٤٤) (وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ. فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) (٢٦ : ١٩٨).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٥٦ ـ اخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن أبيه عن جده سمعت رسول الله (ص) يقول : يمثل القرآن يوم القيامة رجلا فيؤتى الرجل قد حمله فخالف أمره فينتثل له خصما فيقول يا رب حملته إياي فبئس حاملي تعدى حدودي وضيع فرائضي وركب معصيتي وترك طاعتي فما يزال يقذف عليه بالحج حتى يقال فشأنك فيأخذ بيده فما يرسله حتى يكبه على منخره في النار ويؤتى بالرجل الصالح قد كان حمله وحفظ أمره فينتثل خصما دونه فيقول يا رب حملته اياي فحفظ حدودي وعمل بفرائضي واجتنب معصيتي واتبع طاعتي فما يزال يقذف له بالحجج حتى يقال له : شأنك به فيأخذ بيده فما يرسله حتى يلبسه حلة الإستبرق ويعقد عليه تاج الملك ويسقيه كأس الخمر».
أقول : هي كما يقول الله «لا غول فيها ولا تأثيم».