الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٦٥)
لقد تمت الحجة وحقت كلمة الله على ناكريها دونما إبقاء لأيّة عاذرة إلّا غادرة حاسرة خاسرة ، فحتى متى ينكرون بينات الله المكرورة المتواترة على أعينهم وأسماعهم فما ذا ينتظرون؟.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (١٥٨) :
استفهامات إنكارية هي في الحق استفحامات لناكري بينات الله ، هي في ثالوث المستحيل ذاتيا أو مصلحيا في صالح الدعوة ، والضلع الأوسط منه هو من المستحيل ذاتيا أن (يَأْتِيَ رَبُّكَ) بنفسه إلى هؤلاء الأغباش الأنكاد ليخبرهم بنفسه أنه واحد لا شريك له وأن محمدا (ص) رسوله ، فحتى لو أمكن إتيان ربك إليهم ـ ولا يمكن إتيانه إليك وأنت أفضل رسله ـ فهل ينحصر تصديقه بإتيانه نفسه ، فهلّا تصدقون أنتم أي رسول في تعاملاتكم المتعودة إلّا أن يأتيكم المرسل بنفسه؟ تلك إذا قسمة ضيزى!
وأما تفسير إتيان الرب بإتيان موقف الحساب فلا مجال له هنا وصحيح التعبير عنه وفصيحه «أن يأتي يوم القيامة» ثم وهم ناكروه فكيف هم ناظروه؟ فإتيان الرب هنا نظرة غالطة للمشركين وكما في البقرة : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٢١٠) فهو نظرة رؤية الله كما سألها اليهود: (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ ..) (٢ : ١٠٨).
فمجيء المرب بربوبية الجزاء يوم الجزاء حتم لا مرد له وهو مجيء الحساب فالثواب والعقاب ، وإتيانه يوم الدنيا بهذه الربوبية مستحيلة