مصلحيا ، فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل ، ثم إتيانه بذاته مستحيل ذاتيا على أية حال.
وأما (أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) رسلا إليهم؟ ف (لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) (٦ : ٩) وقد سبق في قول فصل أن الرسالة الملائكية إلى البشر غير صالحة في كلّ أبعادها.
أو أن تأتيهم ملائكة مصدقين للرسول : (أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) (١١ : ١٢) أم (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) (٢٥ : ٧) ثالوث منحوس من متطلبات لهم جاهلة.
فرؤية الملائكة لهم ـ على أية حال ـ ممنوعة إلّا يوم الموت (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) (٢٥ : ٢٢) (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ) (١٥ : ٨).
وأما أن (يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) غير الرسولية ولا الرسالية ، فآيات العذاب المزمجر المدمّر فتلجأوا إلى الايمان مخافة البأس؟ فحينئذ (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) حيث الإيمان عند رؤية البأس (١) كاذب ملجأ : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٨٠ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا (ع) من العلل باسناده الى أبي ابراهيم بن محمد الهمداني قال قلت لأبي الحسن الرضا (ع) لأي علة غرق الله تعالى فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ قال : لأنه آمن عند رؤية البأس والايمان عند رؤية البأس غير مقبول وذلك حكم الله تعالى ذكره في السلف والخلف قال الله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) وقال عزّ وجل : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً).