مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٤٠ : ٨٥).
ذلك مهما شذ عنه شاذ يؤمن حقا عند رؤية البأس : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (١٠ : ٩٨) فهم قد كسبوا في إيمانهم خيرا وكما هنا (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) فالإيمان مكسب وليس غاية ، فكسب الخير في الإيمان هو ـ فقط ـ المؤمّن للمؤمن ، دون صورة منه بلا سريرة وسيرة ، فالنفس التي آمنت من قبل ولمّا تكسب في إيمانها خيرا لا ينفعها إيمانها عند رؤية البأس ، كما التي تؤمن عندها دون كسب لخير ، وليس من الخير عمل الإيمان دون إيمان في القلب ، مهما كان إيمان في القلب خيرا وإن لم يلحقه العمل كما يجب ، ف «خيرا» هو إيمان القلب ، ثم عمل الإيمان ، و«خيرا» دون «الخير» لمحة إلى أن إيمانا ما في القلب كسب في الإيمان ينفع صاحبه عند البأس إذا عمل صالحا على ضوءه ف (فِي إِيمانِها) دليل على واقع الإيمان دون صورته فقط ودعواه ، فكسب الخير فيه أن يبرز في عمل صالح ما قلّ منه أو كثر ، حيث التارك لأي من الصالحات ليس إيمانه إلّا دعوى فارغة ف «الرجل يكون مصرا ولم يعمل عمل الإيمان ثم تجيء الآيات فلا ينفعه إيمانه» (١) فالإيمان الراكد غير الكاسب خيرا لحيلولة المعاصي والتوغّل فيها لا يفيد صاحبه (٢) ، إذ
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٨١ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قوله (يَوْمَ يَأْتِي ...) قال : طلوع الشمس من المغرب وخروج الدابة والدجال والرجل يكون مصرا.
(٢) وفيه عن عمرو بن شمر عن أحدهما عليهما السلام في قوله (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) قال : المؤمن حالت المعاصي بينه وبين ايمانه لكثرة ذنوبه وقلة حسناته فلم يكسب في ايمانه خيرا.