أجل «لا تطرد ..» بل (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ، وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ ...) (١٨ : ٢٩) ، ولم يخلد قط بخلده المبارك أن يطردهم والرواية المفترية عليه هي مطرودة (١).
ذلك ولا نجد في سائر القرآن (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) إلّا في هاتين فما هي إرادة وجه الله؟.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٣ عن خباب قال جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجد النبي (ص) قاعدا مع بلال وصهيب وعمار وخباب في أناس ضعفاء من المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فاتوه فخلوا به فقالوا : انا نحب أن تجعل لك منا مجلسا تعرف لنا العرب به فضلنا فان وفود العرب ستأتيك فنستحي أن ترانا العرب قعودا مع هؤلاء الأعبد إذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فلتقعد معهم إن شئت ، قال : نعم قالوا فاكتب لنا عليك بذلك كتابا فدعا بالصحيفة ودعا عليا ليكتب ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبرئيل بهذه الآية : «ولا تطرد ...».
وفيه في نقل سعد بن أبي وقاص فوقع في نفس النبي (ص) ما شاء الله أن يقع فانزل الله» وليت شعري كيف يشاء الله في نفس النبي ما هو ينهاه عنه.
فكيف يفترى على رسول الهدى انه مال إلى بغية المشركين وامر عليا أن يكتب بها ميثاقا و (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) ـ (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ)!.
أذلك جبر لكسر الشيخين ، فان عمر تطلب سؤلهم من رسول الله (ص) فنزلت الآية ، وأبو بكر وقرهم في عيون المؤمنين كما في صحيح مسلم عن عائذ ابن عمران أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال ونفر فقالوا : والله ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها ، قال : فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم فأتى النبي (ص) فأخبره فقال : يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك ، فأتاهم ابو بكر فقال : يا إخوتاه اغضبتكم؟ قالوا : لا ـ يغفر الله لك يا أخي ...