مكية! قد تعني روايات نزولها بحق أصحاب الصفة مجرد الجري والتطبيق كما في كثير من أسباب النزول.
ولقد عرض عمر عليه (ص) طردهم ردحا قائلا : لو فعلت يا رسول الله (ص) حتى ننظر ما يريدون بقولهم وما يصيرون إليه من أمرهم فأنزل الله (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ) ـ الى قوله تعالى ـ (أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) فاعتذر عمر من مقالته(١).
__________________
ـ إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه أنكروا عليه ذلك ويقولون له : أطردهم عنك ، فجاء يوما رجل من الأنصار إلى رسول الله (ص) وعنده رجل من اصحاب الصفة قد لزق برسول الله (ص) يحدثه فقعد الأنصاري بالبعد منهما فقال له رسول الله (ص) تقدم فلم يفعل فقال له رسول الله (ص) : لعلك خفت أن يلزق فقره بك؟ فقال الأنصاري أطرد هؤلاء عنك فأنزل الله : «ولا تطرد ..» أقول : لأن الأنعام كلها مكية فليس نزول بعض آياتها بما حصل في المدينة إلّا تطبيقا وجريا ، أو أنها نزلت مرتين.
وفيه عن تفسير العياشي عن الأصبغ بن نباتة قال : بينما علي (ع) يخطب يوم الجمعة على المنبر فجاء الأشعث بن قيس يتخطا رقاب الناس فقال يا أمير المؤمنين حالت الحدا بيني وبين وجهك قال فقال علي (ع) : مالي وللضياطرة ـ العظيم من الرجال لا غناء عندهم ـ أطرد قوما غدوا أول النهار يطلبون رزق الله وآخر النهار ذكروا الله فأطردهم فأكون من الظالمين»؟.
(١) الدر المنثور ٣ : ١٣ أخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : مشى عتبة بن ربيعة وقرظة بن عبد عمر بن نوفل والحارث بن عامر بن نوفل ومطعم بن عدي بن الخيار بن نوفل في اشراف الكفار من عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا : لو ان ابن أخيك طرد عنا هؤلاء الأعبد فإنهم عبيدنا وعسفاؤنا كان أعظم له في صدورنا وأطوع له عندنا وأدنى لاتباعنا إياه وتصديقه فذكر ذلك أبو طالب للنبي (ص) فقال عمر بن الخطاب : لو فعلت ... «فلما نزلت اقبل عمر بن الخطاب فاعتذر من مقالته ...».