دون أصل النسيان ككلّ ، الذي هو طبيعة الحال في الإنسان ، مهما شملته (إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ) فإن إنساءه محظور القعود معهم ليس إلّا بتساهل المكلف عن مسئوليته وإلّا فكيف ينساها! وللذكر بعد النسيان أيّا كان سبب رباني هو الرجوع إلى الله (١) ثم ترى (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) هل تختص بالقيام عنهم خروجا عن جمعهم ـ فقط ـ وكما تدل عليه (فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى)؟.
ولكن «أعرض» يعم القيام عنهم إلى سائر معارض الإعراض ، فالقعود المحظور معهم هو المتحلل عن الإعراض ، فإن قمت عنهم دون إعراض فقد تركته إلى القعود معهم في مسايرتهم مهما قمت عنهم.
وهنا «الظالمين» توسعة لحكم التحريم ببيان حكمته ، أن القعود معهم محظور مهما كانوا خائضين في آيات الله مكذبين ومستهزئين كأنحس الظلم ، أم كانوا فاسقين ، فالقعود في مجلس الظالمين محظور في كلّ
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٢٨ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى داود بن القاسم الجعفري عن محمد بن علي الثاني عليهما السلام قال اقبل امير المؤمنين (ع) ذات يوم ومعه الحسن بن علي عليهما السلام وسلمان الفارسي وامير المؤمنين (ع) متك على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس إذا أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على امير المؤمنين (ع) فرد عليه فجلس ثم قال يا أمير المؤمنين اسألك عن ثلاث مسائل ان اخبرتني بهن علمت أن القوم ارتكبوا من أمرك ما قضى عليهم انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم وان تكن الأخرى علمت انك وهم شرع سواء فقال له امير المؤمنين (ع) سلني عما بدا لك قال : اخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه الأعمام والأخوال؟ قال : فالتفت امير المؤمنين (ع) الى أبي محمد الحسن ولده (ع) فقال يا أبا محمد أجبه فقال (ع) أما ما ذكرت من أمر النسيان فان قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق فان صلى الرجل عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب فذكر الرجل ما نسيه وإن هو لم يصل على محمد وآل محمد أو نقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذكر ...