وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ...) (٧ : ١٨٥) وهذه هي الملكوت العامة التي يجب النظر إليها بعين الفطرة والعقلية الإنسانية ، بعين البصر ثم البصيرة.
وهذه الرؤية لا تتجاوز علما مّا بماهية الكون من تعلقه بالله ، فلا إله إلّا الله ، ثم هناك رؤية علمية وقيومية تختص بالله وهي رؤية أخص الخاص : (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٣٦ : ٨٣) (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) (٢٣ : ٨٩).
هذه وتلك ملكوتان بينهما بون كبير ، ثم بينهما وسيطة تختص بإراءة الوحي ، وهي رؤية الخاص ، كرؤية إبراهيم ملكوت السماوات والأرض (١) فإيقانه أيضا هو المناسب لرؤيته ، إيقان بعصمة ربانية ليس كسائر الإيقان الحاصل بفطرة وعقلية إنسانية مهما بلغت ما بلغت من قممها ، فإنها ليست لتصل إلى عصمة طليقة تحصل بإرادة الله ، المعبّر عنها ببرهان الرب : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) (١٢ : ٢٤) اللهم إلّا كنموذج تصديقا لرؤية الملكوت (٢) وبقدر ما يتقي العبد ربه يرزق رؤية
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٣٢ عن هشام عن أبي عبد الله (ع) قال : كشط له عن الأرض ومن عليها وعن السماء ومن فيها والملك الذي يحملها والعرش ومن عليه وفعل ذلك كله برسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) وفيه عن كتاب الاحتجاج حديث طويل عن النبي (ص) يقول فيه : يا أبا جهل أما علمت قصة ابراهيم الخليل (ع) لما رفع في الملكوت وذلك قول ربي (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ ...) قوى الله بصره لما رفعه دون السماء حتى ابصر الأرض ومن عليها ظاهرين ومستترين».
(٢) نور الثقلين ١ : ٧٣٠ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب جابر بن يزيد قال سألت أبا جعفر عليهما السلام عن قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ ...) فرفع أبو جعفر (ع) بيده وقال : ارفع رأسك فرفعته فوجدت السقف متفرقا ورمق ناظري في ـ