حاجيات الحياة ، أولاها حاضرك ، ثم مستقبلك ومن ثم وارثك ، ولكنما الآخران هما نافلتان ـ شرط كونهما متعودين للعقلاء المتشرعين ـ لا دور لهما إلّا إذا لم تكن حاجة ضرورية لسبيل الله ، فإنها تتقدم عليهما مهما تأخرت عما يحصل من حاجيات ، حيث الحاجة الحاضرة الأكيدة في الحق الإسلامي تتقدم على المستقبلة ولا سيما المظنونة.
ولقد كان يحاول اختصاص التنديد في آية الكنز بأهل الكتاب ذودا عن المسلمين ، ومن ذلك محاولة الخليفة عثمان إسقاط الواو عن (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ ..) فهدّد في ذلك فتركها (١).
أجل وان آية الكنز هي من أهم ما تضيّق كل المخارج على الكانزين
__________________
ـ عمر واتبعه ثوبان فأتي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا نبي الله أنه قد كبر على أصحابك هذه الآية ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم وإنما ... ثم قال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته» وفيه عن ثوبان لما نزلت هذه الآية كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه لو علمنا أي المال خير فنتخذه فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفضله لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه ـ وفي لفظ ـ تعينه على آخرته.
(١). وهذه المحاولة ظاهرة مما سئله عثمان كعب الأحبار فصاح عليه أبو ذر الغفاري كما مضى ، وفي الدر المنثور أخرج ابن الضريس عن علياء بن أحمر أن عثمان بن عفان قال لما أراد أن يكتب المصاحف أرادوا أن يلقوا الواو التي في براءة «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ ..» قال لهم أبي لتلحقنها أو لأضعن سيفي على عاتقي فألحقوها. أقول وحفاظا على ذلك يقول السدي فيما أخرجه عنه ابن أبي حاتم في الآية : هؤلاء أهل القبلة ، وفيه أخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن زيد بن وهب قال : مررت على أبي ذر بالربذة فقلت : ما أنزلك بهذه الأرض؟ قال : كنا بالشام فقرأت «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ ..» فقال معاوية : ما هذا فينا هذه في أهل الكتاب ، قلت أنا : أنها فينا وفيهم.
وفيه أخرج مسلم وابن مردويه عن الأحنف بن قيس قال : جاء أبو ذر فقال : بشر الكانزين بكيّ من قبل ظهورهم يخرج من جنوبهم وكي من جباههم يخرج من أقفائهم فقلت ما ذا؟ قال : ما قلت إلّا ما سمعت من نبيهم (صلى الله عليه وآله وسلم.