لأموالهم ما صدق كنز ، مهما أدى زكاته الأدنى من ربع العشر إلى العشر وإلى الخمس ، فإن واجب «العفو» قائم ـ بعد ـ على ساقه يطالب كل كانز وسواه بما زاد عن مؤنته لمؤنة الفقراء وسائر المصاريف الثمانية ، التي لا تزال بحاجة إلى مزيد الإنفاقات ، لا سيما وأن البخلاء كثير وأهل الخير قليل.
وألفاظ الآية هي مما تثبت حرمة الكنز على أية حال ، سواء المؤدى زكاته أم سواه ، مهما كان الأول أخف محظورا.
ف «يكنزون ..» تعطي موضوعية ثابتة لعنوان الكنز على أية حال ، ثم (وَلا يُنْفِقُونَها) دون «لا ينفقون منها» برهان ثان على اجتثاث الكنز أيا كان ، فلو كان القصد إلى واجب الزكاة بالنصابات المقررة لكان النص «ولا ينفقون منها».
ومن ثم (فِي سَبِيلِ اللهِ) وهي بحاجة على طول الخط إلى إنفاقات ولحد «العفو» برهان ثالث على محاربة أصل الكنز ، فالتكاليف المالية التي تحتاجها (سَبِيلِ اللهِ) في كافة وجهاتها ، إنها ليست لتقف لحد ولا سيما الدعوة الإسلامية العالمية التي تتكلف عشرات أضعاف سائر التكاليف الفردية والجماعية للكتلة المؤمنة.
فكيف ـ إذا ـ يسمح بكنز الأموال وهناك فراغات دعائية بين مستضعفي المعمورة ، المبتلين بالدعايات المضللة المضادة للإسلام.
أم هل تكفي الزكوات المرسومة من التسعة ، أم والواسعة التي تحلّق على كافة الإنتاجات ، هل تكفي هي لواسع الحاجيات المترامية الأطراف للدعايات الإسلامية العالمية.
كلا! فما دامت حاجة في سبيل الله على درجاتها فالواجب إنفاق الأموال الزائدة عن الحاجيات الضرورية فيها وإن لم تكن من الكنوز ، فضلا عنها.
ومن ثم ف (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها) دون بعضها غير المزكاة ـ دليل رابع على هذه الشمولية ، ثم (فَتُكْوى بِها) ككلّ و (هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ