ومهما يكن من شيء فالنص لا يشير إلى إيجابية الدعوة أم سلبيتها لصاحب الغار أن يصاحب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا إلى أصل كونهما في الغار ، اعتبارا أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الأصل في ذلك المضمار ، وصاحبه في الغار علّه إنما صاحبه مصلحية الحفاظ عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن بأي وجه؟ لا ندري! أم صاحبه لعناية أخرى؟ كالحفاظ على نفسه لما يجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ملاحقا.
ثم وكيف لزمه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الغار ولم يتركه؟ علّه خوفا أن يلزمه المشركون فيستخبروه فيخبرهم لضعفه وقوتهم كما يروى (١) ، أم لشغفه البالغ في الهجرة وكما تطلبها منه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرارا وتكرارا فرارا عن بأس المشركين وعبء المقام بمكة تحملا لتوارد المضايقات ، فيقول له (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تعجل (٢) فقد كان يتربص المخرج فحصل على أسلم مورد له تحت حفاظ
__________________
ـ اثنين ، فإذا كان هو أبا بكر فهو القائل لصاحبه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ إذا ـ لا تحزن .. فتنقلب الآية بأسرها محولة لسرد فضيلة غالية لأبي بكر والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على هامشه!.
(١) كما ذكره الطبري في حديث الهجرة بقوله : وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الهجرة فيقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تعجل (تاريخ الطبري ٢ : ٩٧).
(٢) وفي تفسير البرهان ٢ : ١٢٦ روى الحسين بن حمدان الخصيبي باسناده عن جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) عن أبيه محمد بن علي الباقر عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام) قال : لما لقنه جابر بن عبد الله الأنصاري رسالة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ابنه الباقر (عليه السلام) قال له علي بن الحسين يا جابر أكنت شاهدا حديث جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغار؟ قال : لا يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إذا أخذتك يا جابر ، قال : حدثني جعلت فداك فقد سمعته من جدك فقال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما هرب إلى الغار من مشتركي قريش حيث كبسوا داره لقتله وقالوا : اقصدوا فراشه حتى نقتله فيه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام) إن مشركي ـ