فهو عربي اللفظ والمعنى ، عربي الدلالة والمدلول ، عربي في التفهم والتطبيق ، لا تعقيد فيه دعوة وداعية ، وقد يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بشأن العربي قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): أحب العرب لثلاث ، لأني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي (١) وليس هذا من حب الذات ، وانما حب النبوة السامية ، وحب القرآن وحب الجنة ، فالقرآن ونبيّه عربيان واضحان دون خفاء ، والجنة عربية واضحة لأهلها!
«لعلكم» ايها العقلاء «تعقلون» فالعاقل قد يعقل إذا تعقّل وشاء الهدى ، وقد لا يعقل إذا لم يتعقل أو شاء الردى ، ف «لعل» الترجي هنا وفي سائر القرآن ، لا تعني شكا في ترجّ لساحة الربوبية ، وإنما هما فيمن خوطب بالقرآن ، فالهدى محتومة في دعوة القرآن لأنه غير ذي عوج ، وهي غير محتومة في المدعوين بالقرآن بما فيهم من عوج.
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)(٣).
القصّ هو تتبع الأثر : (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) (١٨ : ٦٤) (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ) (٢٨ : ١١) وهو الأخبار المتتبعة :
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣ ـ اخرج الطبراني وابو الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس ، قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ... واخرج الحاكم عن جابر ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تلا قرآنا عربيا ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ألهم إسماعيل هذا اللسان العربي إلهاما وفي تفسير الالوسي ١٢ : ١٧٢ عن الشيرازي في كتاب الألقاب بسند عن محمد بن علي بن الحسين عن آبائه (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل وهو ابن اربع عشرة سنة.