فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٧ : ١٧٦) وليس جمعا ، بل هو جنس الخبر المتتبع والأثر : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) (٣ : ٦٢) وإنما لم يأت باسم الخبر او الأثر حيث القصص هو الخبر والأثر المقصوص المخصوص ، فليس القرآن كتاب حكاية ، ولا كل خبر وأثر ، بل فيه المقصوص من أثر أو خبر (عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) (١١١) (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٧ : ١٧٦).
وقصة يوسف بين القصص هي أحسن القصص (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) وهو أحسن حديث في قصص وغير قصص : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ ..) (٣٩ : ٢٣) ف (إن احسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكر كتاب الله عز ذكره) (١).
ومهما كان القرآن أحسن حديث ، وقصصه أحسن القصص ، ولكن قصة يوسف قد احتلت القمة المرموقة بين القصص ، حيث فيها (عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) محلّقة على كل الأبواب معرفية وخلقية ، فردية وجماعية ، اقتصادية وسياسية وثقافية ومن سلطة شرعية او زمنية أمّا هيه من حقول الدعوة والداعية ، والدوائر المتربصة بالدعاة إلى الله.
و (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) يعمم الأحسن في وحي القرآن كله ومنه القصص ، و (هذَا الْقُرْآنَ) يميزه عن سائر قرآن الوحي المقر وعلى سائر رجالات الوحي ، فما ذا بعد القرآن ـ إذا ـ وهو أحسن الحديث
__________________
(١) روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وفي الدر المنثور ٤ : ٣ واخرج ابن جرير عن عون بن عبد الله قال : مل اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حدثنا فأنزل الله (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ.). ثم ملوا مرة أخرى فقالوا يا رسول الله حدثنا فوق الحديث ودون القرآن يعنون القصص فانزل الله (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) هذه السورة فأرادوا الحديث وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص.