الْمُخْلَصِينَ)(٣٤) وإنساء الشيطان من أسوء السوء وأفحش الفحشاء ، لأنه مفتاح كل سوء وفحشاء ، أفيزعم مختلقو التهم على يوسف أن ربه كذب فما صرف عنه إنساء الشيطان ، أو نسي أنه من عباده المخلصين؟!
٦ وشاهد سادس أنه لم يهم بها إذ (رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) ولا صبا إليهن إذ «صرف (عَنْهُ كَيْدَهُنَّ) وهذان الموقفان من أخطر مواقف الامتحان وأزلّها للأقدام ، ويوسف الصديق لا ينسى فيهما ربه ، فبأحرى ألّا ينساه في السجن ، وهو أحب إليه مما يدعونه إليه! فكيف يتوسل في الخروج عنه دخولا في سجن النسيان.
٧ وشاهد سابع أن التوسل إلى غير الله فيما لا يجوز ، كخلفية لإنساء الشيطان هو من الشرك ، وهو القائل لصاحبي السجن (ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ) وهذا هو «من شيء» ومن أشنع شيء!
وهو القائل (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ ..) وابراهيم لم يبرز حاجته لجبريل وهو على المنجنيق إلى النار حيث يقول له : أما إليك فلا ، فكيف يتوسل متّبعه في ملته بفرعون لخلاصه بوسيط فرعوني مشرك؟!
ثم إن ذكر الله والإخلاص لله لا يستوجب ترك التوسل بالأسباب للتوصل الى ما يرضاه الله ، يوسف يدخل إلى سجنه حيث أحبه فرارا عما يدعونه إليه ، ولكنه سجن بتهمة المراودة ، وهي أقل المحظورين بالنسبة له ، فهلّا تجب عليه محاولات متعددة مشروعة لإبعاد التهمة الملصقة به ، فلو كان سجنا بلا تهمة لم يكن ليتوسل بمن توسل ، اللهم إلّا لراجحة او واجبة اخرى.
ففي الحق ليست قالة الصديق للذي ظن أنه ناج : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) إلّا تحقيقا لأمر الحق بحقه حفاظا على ساحة الرسالة القدسية من تهمة الخيانة وخيانة التهمة ، وكما أمر الله (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) وإذا كان