مختلف التعبير بمختلف الأفعال تعبير عن مختلف الفواعل ، فلو كان هو العزيز لقال «وقال العزيز» أم قال في قصة المراودة «امراة الملك»! ثم (امْرَأَةُ الْعَزِيزِ) في قصة الملك دون امراة الملك ، ولمّا يستخلص يوسف لنفسه يصبح هو العزيز (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) هذان يؤيدانه ، وأن العزيز هو الشخصية الثانية في المملكة وقد عزل أو مات أو قتل فأصبح الصديق هو العزيز.
وقد تلوح «إني أرى» بتكرر الرؤيا ، حيث المضارعة في بيان الرؤيا الماضية تلمح إلى المداومة ، والسمان جمع السمينة كما العجاف للعجفاء الهزيلة ، أرى سبعين مختلفين في السمن والهزال ، ومن العجاب أن العجاف يأكلن السمان ، وأرى سبع سنبلات خضر وسبعا أخر منها يابسات.
(يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ) من الفتوى والفتيا وهو الجواب عن حكم المعنى ، والجواب عن نفس المعنى.
فليس من الفتيا ، و «تعبرون» هو العبور عن المعنى الظاهر إلى حكم الباطن ، كما العبارة عبور عن اللفظ الى معناه ، فتأويل الرؤيا هو العبور إلى حقيقتها المعنية منها.
ولحد الآن في ذلك القصص تمر بنا رؤيّ ثلاث ، من يوسف وصاحبي السجن والملك ، والاهتمام بها وتأويلها يعطينا صورة من جو العصر آنذاك في مصر وخارجها ، فالهبة اللدنية المؤتاة ليوسف من علم تأويل الرؤيا كانت تناسب جو العصر وروحه ، حيث يحتاجه المؤمن وسواه سواء.
يطلب الملك ـ في اضطراب بال وسوء حال مما يراه ـ إلى الملأ من الكهنة والحاشية الملكية ، وهم يحيدون عن تأويلها جهلا او تجاهلا على طريقة