المثالية ، فهي بحاجة إلى تاويل ، وهذه تعمهم وسواهم ممن يرى الرؤيا الصادقة ، ورؤيا يوسف هذه من الثانية ، كرؤيا صاحبيه في السجن : (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ..) (٣٦) وكرؤيا الملك : (وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ ..) (٤٣).
وقد تكون منها رؤيا ما أوحي إلى أم موسى : (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ) (٢٠ : ٣٩) فإنه وحي الإلهام وعلّه في الرؤيا كما يروى ، أم في اليقظة كما تحصل للصالحين. ومن رؤيا النبوة العليا للرعيل الأعلى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) (٤٨ : ٢٧) و (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) (٨ : ٢٣) «وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلّا فتنة للناس» (١٧ : ٦٠) وفي ابراهيم «إني أرى في المنام أني أذبحك ..» (٣٧ : ١٠٢).
والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يرى في هذه وتلك صورة الواقع نسخة طبق الأصل ، دون المثال الذي يحتاج الى تاويل.
فالنفس تتجرد حالة المنام عن حيونة التعلق ببدنها ، فقد تشفّ أكثر مما كانت قبل المنام ، فترجع إلى عالمها المسانخ لها ، فترى بعض ما فيه من الحقائق قدر استعدادها وفاعليتها وقابليتها ، وقد لا تكشف لبقية التعلّق والاتصال بما تحويها من حواجز خارجية او داخلية ليست لتتخلى عنها ، فلا تتحلى إذا بالكشف عن الحقائق.
فالنفس الكاملة تدرك الحقائق مجردة عن الصور الطارئة ، وغيرها قد