كانَ زَهُوقاً) (١٧ : ٨١) (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (١٠ : ٨٢).
فذلك الضرب هو حقه وواقعه ثم (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) هو مثله ومثاله ، فقد اختلف ضرب عن ضرب ممثلا ومثالا ، مهما اتفقا في التذكير والبيان ، فالضرب الاوّل هو نصب الحق والباطل بالشهرة كما (هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) لتستدل عليه خواطرهم كما تستدل على الشيء المنصوب على مرتفع النجد وهو من قولهم : ضرب الخباء إذا نصبته واثبت طنبه وأقمت عمده و (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ) نصبا لمنارهما وإيضاحا لأعلامهما ليعرف المكلفون الحق بعلاماته فيقصدوه ، ويعرفوا الباطل ببطلانه فيجتنبوه.
والضرب الثاني هو تسيير ما في البلاد وإدارتها على ألسنة الناس طول الزمان وعرض المكان ، من قولهم ضرب في الأرض إذا توغل فيها وأبعد في أقاصيها ، وكذلك (يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ).
و «ماء» في المثال يمثّل الحق الخالص الناصع ، من خالص العلم النازل من سماء الوحي ، واتمّه واطمّه القرآن ، وعلى ضوئه سائر الحياة الروحية ، حيث القرآن هو أحيى الحياة وحتى لحامل الرسالة العليا فضلا عمن سواه.
فالماء المادة هو حياة الجسم : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (٢١ : ٢٠) ، والماء الروح ـ من المعرفة والعلم ـ هو حياة الروح ، وقد مثلت الحياة الدنيا بماء ، علياها هي أصل الحياة الإنسانية ، ودنياها هي المزيجة