والخطوة الأولى لاستجابة الرب هي السمع لما يقول ، سمع الجوارح والجوانح وإنما ذلك للأحياء : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)(٦ : ٣٦) والموتى هم الذين يتبعون أهوائهم : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(٢٨ : ٥٠).
وكما من الحياة الحسنى هي الحاضرة ، كذلك وبأحرى هي المستقبلة العاقبة في مثلث الحياة دنيا وبرزخا وعقبى وهي أحرى وأبقى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى).
ثم (وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ) وهم موتى الفطر والعقول والقلوب ، فعقباهم الأخرى نكبة نكدة خاسرة حاسرة لحد (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ) من عذاب يوم القيامة ، ولكنها لا تقبل منهم ، استحالة على أخرى ، ظلمات بعضها فوق بعض بما قدمت أيديهم : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٥ : ٣٦)(أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ) وهو الحساب الدقيق غير الرفيق ، حسنا في ميزان العدل وسوء في ميزان المحاسب حيث يرجو التخفيف والتطفيف ، إذا فهو «أن لا تقبل لهم حسنة ولا تغفر لهم سيئة» (١)
حيث الحسنات حابطة والسيئات خابطة لا يعفى عنها أو يخفف.
فمن الناس من لا يحاسب وهم السابقون والمقربون وأصحاب اليمين. (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ، إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) (٧٤ : ٣٩) (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٩ : ١٠) (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ
__________________
(١) المجمع في الحديث ، من نوقش في الحساب عذب وقيل هو : ... وروى ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).