وإن هذه الجمعية الصالحة المتلاحقة المتصالحة في الإيمان ، فيها لذة وحظوة تضاعف لذة (جَنَّاتُ عَدْنٍ) وثالثة أن (الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) ورابعة (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) سلام من لله كأصل السلام ، ومن ملائكة الله كرسل السلام (١) مهرجان حافل باللقاء والإكرام وكل سلام وإعظام ، فإن الدار هي دار السلام : (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) وذلك (بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).
تلك الضفّة العليا للصابرين أولي الألباب. ثم على الضفة الأخرى للكافرين المكابرين الذين ليست لهم ألباب :
(وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٢٥)
ولأن عهد الله الموثق وما امر الله به ان يوصل فيه الصلة المصلحة للأرض ، فقطعهما ـ إذا ـ إفساد في الأرض ، فلا يحمل عهد الله وأمره إلا صالح الأرض بأهلها ، دون صالحه تعالى ، فالله هو الغني ونحن الفقراء.
ولأن عهد الله الموثق وما أمر الله به أن يوصل ، هما بكل بنودهما
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٥٧ اخرج بعدة طرق عن بعد الله بن عمرو قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اوّل من يدخل الجنة من خلق الله فقراء المهاجرين الذين تسد بهم الثغور وتنفى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء فيقول الله تعالى لمن يشاء من الملائكة ائتوهم فحيّوهم فتقول الملائكة ربنا نحن سكان سماواتك وخيرتك من خلقك أفتأمرونا ان نأتي هؤلاء فنسلم عليهم؟ قال الله تعالى : ان هؤلاء عبادي كانوا يعبدون في الدنيا ولا يشركون بي شيئا وتسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء فتأتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار.