المسرودة في الضفّة الأولى تجاه الخالق وخلقه ، فيهما الصلة المصلحة للأرض بأهلها ، ومصلحة لساكنيها ، فقطعهما ـ إذا ـ بمجرده إفساد في الأرض ، كما السعي في معاكستهما سعي لإفساد الأرض ، ف (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ) بما التعنوا وابتعدوا عن صالح الحياة ، حيث الإفساد بادئ في لعنته بالمفسد (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) وعقباها ف (مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ..) (٢٠ : ١٢٤).
ولأن كل عهد يتبنى عهد الفطرة فالناقضون عهدها ناقضوا كل عهد ، فحين ينقض عهد العبودية لله تخلفا عن الفطرة التي فطر الله ، فهنا لك النقض ـ وبالأولى ـ لكل العهود المعهودة في كل صغير وكبيرة ، وهنا الطامة الكبرى حين لا يرعى عهد الله وكل عهد لخلق الله ، حياة منفصلة عن كافة الحيويات ، مندغمة في كافة الحيونات والشهوات ، غير مستقرة على أية قرارات ، وهنالك الإفساد في الأرض دون أية مبالات و (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) حيث يعيشون السوء واللعنة في الحياة من كافة الجهات.
إنّ ناقضي عهد الله من بعد ميثاقه آفاقيا وأنفسيا ، هم يحسبونهم أنهم يحسنون صنعا حيث يربحون بنقضهم الحياة الدنيا وهم جاهلون أن :
ـ (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ)(٢٦).
فإنما الرزق بيد الله ، دون الأيدي الأثيمة الناقضة لعهد الله (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) ولكنهم (فَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) كأنها هي الحياة لا سواها ، وهي الهدف الأسمى دون سواها (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) تبتغي به حياة الآخرة (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).