فلقد أحيى القرآن من هم اخمد من الموتى وأموت من الهلكى ، حيث قتل الطغيان والأوهام أرواحهم ، أفلا يكون هذه وتلك وتياك أعظم وأضخم وأقوم تأثيرا من تسيير الجبال وتقطيع الأرض وتكليم الموتى؟ وهؤلاء الموتى بكامل الكفر ، وحماقى الطغيان ، يستبدلون هذا القرآن بالذي هو أدنى!
إنه ليس أمر الإيمان بيدك ، ولا بأيدي آيات الرسالة بصرية وبصيرية ، حتى إذا جاءتهم آمنوا دون نكير ، (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) من شاء هداه ومن شاء أضله ، كلّا كما يهواه ويعمل له دونما فوضى جزاف ، فله أمر الآيات بنتيجتها كما يشاء وهي أدل وأحرى دونما تهواه أنفسهم ويشتهون ، وهم بآيات الله يلعبون.
(بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) في أصل الرسالة ووحيها وآياتها وأوقاتها وأدوارها وأكوارها وأبعادها وحملتها.
(أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) من إيمان هؤلاء الحماقى المتظاهرين بلمحة الإيمان لو استجيبوا في تطلّبات الآيات؟
(أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) من استقلال التأثير لهذه الآيات مهما صغرت أو كبرت ، قلت أو كثرت؟
وما أجدر نتيجة اليأس هذا (أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) أن يحملهم على الهدى دونما اختيار ، ولكنه أراد هدى باختيار وضلالا باختيار ، وهو يعلم الذي يختارون الهدى ، أم يختارون الردى ، فهم منصرفون عن آيات الله مهما كثرت : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) (٧ : ١٤٦).