(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ) تقرعهم في ذوات نفوسهم ختما على قلوبهم وعلى سمعهم ، وغشاوة على أبصارهم .. (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) أم تقرعهم بما تصرعهم وتبيدهم كما في الأمم الهالكة في القرون الخالية بعد قرعهم في قلوبهم.
(أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) قارعة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ، وليعتبروا ، «تحل» قرب المكان او قرب الزمان ، بحيث تكون بمسمعهم ومرآهم شهود الواقع أم شهادة التاريخ.
هم لا يزالون على حالتهم التعيسة هذه والبئيسة (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) عذابا منذ الموت حتى القيامة الكبرى (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) و (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)!
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ)(٣٢).
قارعة من قوارع التاريخ المتواصلة على المستهزئين برسل الله ، إملاء ثم أخذا ثم عقابا فهم في تباب ، وإنها تكفي معتبرا لمن يستهزءون بك يا حامل الرسالة الإلهية الأخيرة (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) فالأمثلة حاضرة حاذرة ، وفي مصارع الغابرين عبرة بعد نظرة وإمهال ، فأصمد على دعاية صارمة لرسالتك ، ولا تكن من الآيسين (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)
(أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) ٣٣.
انه تعالى قيوم بنفسه سبحانه ولخلقه ككل ، (قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ) في نفسها فإنها قائمة به في كونها وكيانها و «بما كسبت» روحيا أم ماديا في مثلث