دون ـ فقط ـ سمعك ، فمنزل القرآن هو قلبه المكين : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ) (٢ : ٩٧). و «به» هنا هو القرآن المفصل المنزل نجوما ، دون المحكم النازل عليه ليلة القدر ، والسر النازل عليه ليلة المعراج ، إذ لم يكن هنا وهناك لوحيه أي وسيط : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١٦ : ١٠٢) ولا صلة لتثبيت المؤمنين إلّا بما يسمعونه منه من الوحي المفصل دون الأسرار المستسرة الخاصة بساحة الرسالة.
ودلالة اخرى (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) وليس القرآن المحكم بلسان عربي أو سواه ، فضلا عن «مبين».
فجبريل الروح الأمين القدس نزل بالروح القرآن المفصل على قلبه (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو ايضا الروح القدس الأمين ، فالنازل والمنزل والمنزل روح قدس أمين ، نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ، وتراه كيف (نَزَلَ .. عَلى قَلْبِكَ) والقرآن المفصل بما يحمل من ألفاظ تسمع لا بد لمنزله من أذن أو سمع؟ فهل انه نزول المعنى دون لفظ كيلا يحتاج إلى أذن؟ والقرآن يعني كلا اللفظ والمعنى ، فالمعنى دون لفظ لا يقرء وإنما يلهم ، وليس الملهم قرآنا ينزل حيث القراءة تخص اللفظ! : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ).
فنازل الوحي إلى قلبه أعم من القرآن حيث يعم محكمه الذي لا يقرء ومفصّله الذي يقرء.
أجل وللقلب سمع هو أسمع من سمع الأذن كما له بصر ، وليس سمع الأذن إلّا ذريعة لسمع القلب كما بصر العين ذريعة لبصر القلب ، وللقلب ان يسمع أو يبصر دون وسيط كما (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) دونما وسيط.